بمناسبة النذر في رهبنة “خادمات القربان المقدّس”
أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء،
نواكب اليوم إحدى “خادمات القربان المقدّس”، راهبة تبرز نذرها النهائي به تكرّس حياتها الرهبانية حتى الممات لالتماس قرب الله وللصلاة والتضحية في خدمة البشر.
ويقوم السؤال : لماذا تقدم على مثل هذا ؟
والجواب بغاية البساطة وغاية العمق : تقدم على هذا بدافع المحبّة.
١. المحبّة
١- ١. لمّا أراد الرسول يوحنّا الحبيب أن يصف ذات الله، كتب في رسالته الأولى الى المسيحيّين: الله محبّة (١ يوحنّا ٤: ٨، ١٦).
- فإن كان الله محبّة، وكانت النعمة اشتراكنا في طبيعة الله فنحن إذن بالنعمة محبّة.
- ثمّ إنّ الله، كما يقول الإنجيل، أحبّ العالم حتّى إنّه بذل ابنه الوحيد من أجل خلاص البشر. أفيكون كثيرًا أن نقتدي نحن المخلَّصين بهذه المحبّة؟ ألا نفهم أنّ تضحية راهبة بحياتها لله هي علامة محبّة؟
- ثمّ إنّ السيّد المسيح بذل نفسه عن أحبّائه، عنّا، فمن أراد أن يتبع خطوات المسيح، فلا أعذب على قلبه من أن يبذل هو أيضًا نفسه بدافع محبّته.
١- ٢. الله محبّة، والمحبّة لا تكتفي بالقليل الكافي. بل تطمع بالكثير، تُغالي في العطاء، عطاء النفس.
١- ٣. المحبّة لا تعرف الحدود الضيّقة. هي أوسع ما تكون السّعة في القلب والعقل، والبذل والتسليم … ولا أعذب!
٢. دافع المحبّة
٢- ١. بذل الذات محبّةً لله وللبشر له أشكال عديدة، منها الانتقال من العالم الصاخب الى عالم الروح المتأجّجة في الداخل، التي تخدم خلاص العالم بربطه بعطف الله ورحمته ومحبّته.
٢- ٢. ويرتقي القلب في معارج الروح، حاملًا معه البشر وأثقالهم، وهمومهم وآلامهم، في رحلة طويلة الى عند الربّ.
٢- ٣. دافع المحبّة لا يهدأ. رحلتها الى الله طويلة لا تنتهي. ومتى وصلت الى عند الله، انطلقت رحلتها الأبديّة، الأعمق والأطول، رحلتها في الله … ولا نهاية!
٣. ونحن على الأرض
٣- ١. ترك لنا السيّد المسيح جسده ودمه في القربان المقدّس، علامة محبّته لنا. يبقى معنا ويغذّي به حياته الأبديّة فينا.
٣- ٢. وعلّمنا حمل الصليب والاستراحة في الصليب، الذي هو، على قول بولس الرسول: “حكمة الله وقوّة الله” (راجع ١ كورنثس ١: ٢٤).
- من هنا حالات التخلّي في حياة النفس التي تلتمسه.
- ونَفق الظلمة
- ومع ذلك فإنّ الله لا يتخلّى عنّا، بل إنّه ينشّط بهذه الخبرة ثقتنا. فإنّا لسنا بقدرتنا نحبّه، بل هو أحبّنا أوّلًا بلا حدّ، ولا رجعة. وبه نستطيع نحن أن نحبّه … ولو قُدّمنا ذبيحة على صليب الألم … فكما إنّ محبّته لا رجعة عنها، فكذلك تكون محبّتنا له … ولا رجوع!
٤. لماذا تقدّم راهبة حياتها كلّها لله وللربّ يسوع ؟
- بدافع المحبّة. – فهنيئًا لك أيّتها الأخت خادمة القربان المقدّس. أهنّئها على عزمها على تقبّل محبّة الله في نذرها النهائي، والردّ على محبّة الله بمحبّتها الكاملة. ونحن نصلّي لأجلها ولأجل رهبانيّتها … وهي ترافقنا بصلاتها.
- يقول بولس الرسول: “ثمر الروح محبّة وفرح وسلام” (غلاطية ٥: ٢٢) … فليكن سلام الروح القدس وفرحه في قلبك.
- وينشد صاحب المزمور: “ليفرح الربّ بأعماله … وأنا أفرح بالربّ” (مزمور ١٠٤: ٣١ و ٣٤). فليفرح الربّ بك، وأنت أيضًا افرحي بالربّ.
ومحبّة الله تشملكم جميعًا. آمين.
الأب عادل تيودور خوري